الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
ويصح تعليق الظهار بالشروط, نحو أن يقول: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي وإن شاء زيد, فأنت علي كظهر أمي فمتى شاء زيد أو دخلت الدار صار مظاهرا وإلا فلا وبهذا قال الشافعي, وأصحاب الرأي لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء ولأن أصل الظهار أنه كان طلاقا, والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار ولأنه قول تحرم به الزوجة, فصح تعليقه على شرط كالطلاق ولو قال لامرأته: إن تظاهرت من امرأتي الأخرى فأنت علي كظهر أمي ثم تظاهر من الأخرى صار مظاهرا منهما جميعا وإن قال: إن تظاهرت من فلانة الأجنبية, فأنت علي كظهر أمي ثم قال للأجنبية: أنت علي كظهر أمي صار مظاهرا من امرأته عند من يرى الظهار من الأجنبية ومن لا فلا وسنذكر ذلك, -إن شاء الله تعالى-. فإن قال: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم ينعقد ظهاره نص عليه أحمد فقال: إذا قال لامرأته: هي عليه كظهر أمه إن شاء الله فليس عليه شيء, هي يمين وإذا قال: ما أحل الله علي حرام إن شاء الله وله أهل هي يمين, ليس عليه شيء وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وذلك لأنها يمين مكفرة, فصح الاستثناء فيها كاليمين بالله تعالى أو كتحريم ماله وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من حلف على يمين, فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب وفي لفظ: (من حلف فاستثنى فإن شاء فعل, وإن شاء رجع غير حنث) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وإن قال: " أنت علي حرام ", " ووالله لا أكلمك إن شاء الله " عاد الاستثناء إليهما في أحد الوجهين لأن الاستثناء إذا تعقب جملا عاد إلى جميعها, إلا أن ينوي الاستثناء في بعضها فيعود إليه وحده وإن قال: أنت علي حرام إذا شاء الله أو إلا ما شاء الله, أو إلى أن يشاء الله أو ما شاء الله فكله استثناء يرفع حكم الظهار وإن قال: إن شاء الله فأنت حرام فهو استثناء يرفع حكم الظهار لأن الشرط إذا تقدم يجاب بالفاء وإن قال: إن شاء الله أنت حرام فهو استثناء لأن الفاء مقدرة وإن قال: إن شاء الله فأنت حرام صح أيضا والفاء زائدة وإن قال: أنت حرام إن شاء الله, وشاء زيد فشاء زيد لم يصر مظاهرا لأنه علقه على مشيئتين فلا يحصل بإحداهما. قال: فإن مات, أو ماتت أو طلقها لم تلزمه الكفارة فإن عاد فتزوجها, لم يطأها حتى يكفر لأن الحنث بالعود وهو الوطء لأن الله عز وجل أوجب الكفارة على المظاهر قبل الحنث الكلام في هذه المسألة: في ثلاثة فصول: أحدها أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار أحدها: أن الكفارة لا تجب بمجرد الظهار فلو مات أحدهما أو فارقها قبل العود, فلا كفارة عليه وهذا قول عطاء والنخعي والأوزاعي, والحسن والثوري ومالك وأبي عبيد, وأصحاب الرأي وقال طاوس ومجاهد والشعبي, والزهري وقتادة: عليه الكفارة بمجرد الظهار لأنه سبب للكفارة وقد وجد ولأن الكفارة وجبت لقول المنكر والزور, وهذا يحصل بمجرد الظهار وقال الشافعي: متى أمسكها بعد ظهاره زمنا يمكنه طلاقها فيه فلم يطلقها فعليه الكفارة لأن ذلك هو العود عنده ولنا قول الله تعالى: أنه إذا طلق من ظاهر منها ثم تزوجها لم يحل له وطؤها حتى يكفر سواء كان الطلاق ثلاثا, أو أقل منه وسواء رجعت إليه بعد زوج آخر أو قبله نص عليه أحمد وهو قول عطاء والحسن, والزهري والنخعي ومالك وأبي عبيد وقال قتادة: إذا بانت سقط الظهار, فإذا عاد فنكحها فلا كفارة عليه وللشافعي قولان كالمذهبين وقول ثالث, إن كانت البينونة بالثلاث لم يعد الظهار وإلا عاد وبناه على الأقاويل في عود صفة الطلاق في النكاح الثاني ولنا, عموم قول الله تعالى: أن العود هو الوطء فمتى وطئ لزمته الكفارة, ولا تجب قبل ذلك إلا أنها شرط لحل الوطء فيؤمر بها من أراده ليستحله بها, كما يؤمر بعقد النكاح من أراد حل المرأة وحكي نحو ذلك عن الحسن والزهري وهو قول أبي حنيفة إلا أنه لا يوجب الكفارة على من وطئ وهي عنده في حق من وطئ كمن لم يطأ وقال القاضي وأصحابه: العود العزم على الوطء إلا أنهم لم يوجبوا الكفارة على العازم على الوطء, إذا مات أحدهما أو طلق قبل الوطء إلا أبا الخطاب فإنه قال: إذا مات بعد العزم, أو طلق فعليه الكفارة وهذا قول مالك وأبي عبيد وقد أنكر أحمد هذا, فقال: مالك يقول: إذا أجمع لزمته الكفارة فكيف يكون هذا إذا طلقها بعدما يجمع كان عليه كفارة إلا أن يكون يذهب إلى قول طاوس: إذا تكلم بالظهار لزمه مثل الطلاق ولم يعجب أحمد قول طاوس وقال أحمد, في قوله تعالى: قال: [وإذا قال لامرأة أجنبية: أنت علي كظهر أمي لم يطأها إن تزوجها حتى يأتي بالكفارة] وجملته أن الظهار من الأجنبية يصح سواء قال ذلك لامرأة بعينها, أو قال: كل النساء علي كظهر أمي وسواء أوقعه مطلقا أو علقه على التزويج فقال: كل امرأة أتزوجها, فهي علي كظهر أمي ومتى تزوج التي ظاهر منها لم يطأها حتى يكفر يروى نحو هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب وعروة, وعطاء والحسن ومالك, وإسحاق ويحتمل أن لا يثبت حكم الظهار قبل التزويج وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي ويروى ذلك عن ابن عباس لقول الله تعالى: وإذا قال: كل امرأة أتزوجها, فهي علي كظهر أمي ثم تزوج نساء وأراد العود فعليه كفارة واحدة سواء تزوجهن في عقد واحد أو في عقود متفرقة نص عليه أحمد وهو قول عروة, وإسحاق لأنها يمين واحدة فكفارتها واحدة كما لو ظاهر من أربع نساء بكلمة واحدة وعنه أن لكل عقد كفارة فلو تزوج اثنتين في عقد وأراد العود فعليه كفارة واحدة, ثم إذا تزوج أخرى وأراد العود فعليه كفارة أخرى وروي ذلك عن إسحاق لأن المرأة الثالثة وجد العقد عليها الذي يثبت به الظهار, وأراد العود إليها بعد التكفير عن الأوليين فكانت عليه لها كفارة كما لو ظاهر منها ابتداء ولو قال لأجنبية: أنت علي كظهر أمي وقال: أردت أنها مثلها في التحريم في الحال دين في ذلك وهل يقبل في الحكم؟ يحتمل وجهين: أحدهما, لا يقبل لأنه صريح للظهار فلا يقبل صرفه إلى غيره والثاني: يقبل لأنها حرام عليه كما أن أمه حرام عليه.
قال: ولو قال: أنت علي حرام وأراد في تلك الحال, لم يكن عليه شيء وإن تزوجها لأنه صادق وإن أراد في كل حال لم يطأها إن تزوجها حتى يأتي بكفارة الظهار أما إذا أراد بقوله لها: أنت علي حرام الإخبار عن حرمتها في الحال فلا شيء عليه لأنه صادق لكونه وصفها بصفتها, ولم يقل منكرا ولا زورا وكذلك لو أطلق هذا القول ولم يكن له نية فلا شيء عليه لذلك وإن أراد تحريمها في كل حال, فهو ظهار لأن لفظة الحرام إذا أريد بها الظهار ظهار في الزوجة, فكذلك في الأجنبية فصار كقوله: أنت علي كظهر أمي. قال: [ولو ظاهر من زوجته وهي أمة, فلم يكفر حتى ملكها انفسخ النكاح ولم يطأها حتى يكفر] وجملته أن الظهار يصح من كل زوجة, أمة كانت أو حرة فإذا ظاهر من زوجته الأمة ثم ملكها انفسخ النكاح واختلف أصحابنا في بقاء حكم الظهار فذكر الخرقي ها هنا أنه باق ولا يحل له الوطء حتى يكفر وبه يقول مالك, وأبو ثور وأصحاب الرأي ونص عليه الشافعي وقال القاضي: المذهب ما ذكر الخرقي وهو قول أبي عبد الله بن حامد لقول الله تعالى:
|